Midnight in paris
مرجعات سينمائية:
في ذلك الجو الحالم، كلُ يرى عامله، وإن كان وردياً، فضاً قاسياً على
سكانه ويرى تقلبات حياته ومصاعبها تتزايد يوماً بعد يوم حتى تصل لذروتها ويبدأ كلُ
معاني بالتفكير والتحليل حتى يصل إلى الأستنتاج الأعظم، لكن المسكين لا يدري إن
لكل زمان معضلة فزمانه عاجي بالنسبة للمستقبل او حتى الماضي.
رسم المخرج وودي آلان مزجً فريداً بين الدراما والفانتازيا فأصبح
العمل عبارة عن خليط رائع وصورة مُبهرة لتلك المدينة في كُل الأزمان، من الصعوبة
بمكان ان تطرح فكرة جدية في نمط خيالي. ففي التاريخ الأدبي ينفض وفي تلك الشوارع
يهيم باحثاً عن تلك المركبة التي ترسله إلى مبتغاه وغاية طموحة حتى ولو كانت على
حساب الحاضر ففي مستقبله وماضينا يمضي وقته ويقطع شوطاً وإن كان صغيراً للشيخوخة
في الماضي مع العلماء والفنانين وأصحاب الذوق الرفيع بالنسبة لمن يعيش في القرن
الواحد والعشرين.
أشتهر الأدباء بإهتمامهم بفكرة السفر عبر الزمن فكرسوا أعمالاً سُطرت
فيما بعد لتعد من روائع الآداب في معظم لغات العالم، فقد ابتكر هذا النمط أحد
الكتاب الإنجليز في عام 1985، قيل ان سبب هذه الثورة الأدبية بخصوص هذا الموضوع هو
تطور العلم مما أدى الكتاب إلى استباق الأحداث كعادتهم وإن كانت تكهناتهم على
الأغلب خاطئة. قانون النسبية لإينشتاين حثت خيال الكتاب أكثر وأكثر، فكما ينص
القانون على وجود بعد رابع في الأبعاد الكونية غير الطول والعرض والارتفاع وهو
النسبية الزمنية فلو وصلت سرعة جسم إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء تقل سرعة الوقت
بالنسبة للجسم مقارنةً بجسم أخر في الأحوال الأصلية ثم أتت نظرية الثقوب السوداء
واحتمالية السفر عبر الزمان بطريقة أخرى.
رغم أن الموضوع معقد والفكرة غير مُستقر عليها عرض آلان الفلم بطريقة
سطحية وركز على الناحية الأدبية فيه والفروقات بين الماضي والحاضر حتى جعل بطل
القصة يهيم في أرجاء الزمان تارة في الماضي وتارة أخرى في الحاضر، جعله حائر، جعله
هو. نعم، شخصية البطل لها أبعاد أخرى فهذه نقطة أخرى تضاف إلى عبقرية الفلم فتحويل
شخصية رتيبة إلى ( وودي آلان ) أمر يصعب تجاهله، فهو متردد، سريع التأثر كما هو
مخرجنا.
اُختيرت العاصمة الفرنسية باريس كمكان لتصوير هذا الفلم فيها لأسباب
عدة أهمها: أمتلاء تاريخها بشخصيات أدبية مما يُتيح للكاتب بأن ينوع من الأفكار
ويدخل شخصيات أخرى إلى القصة بكل سهولة، روعة المكان فقد كان ظاهراً للعيان أن
المخرج تغنى بباريس وخصص لها مشاهد ليظهر روعتها وأناقتها فتغنى بها في العديد من
اللحظات وفي عدة أزمنة، كيف لا و قد سحرت المسافر عبر الزمن وجعلته يظن أنها جنة
الله في ارضه. رجلُ هائم في حب إمراءة من حقبة أخرى !. لك أن تتخيل الموقف فالرجل
يقبل على زواج في زمنه وفي الزمن الموازي تائه بين جمال الأرض وجمال التراث
والتعرف أكثر على الأدباء وحب إمراءة كان يسمع عنها في الماضي دون أن يعير لها اهتماماً.
ترشح الفلم لأربعة جوائز أوسكار حاز على واحدة منها وكانت أفضل نص غير
مقتبس، لكن خسر الثلاثة بعد أن خطف مخرج فلم الفنان جائزة أفضل مخرج وبالإضافة إلى
أفضل ديكور إخراجي خسرها هي الأخرى لصالح فيلم هيوغو، وبالطبع خسر ايضاً جائزة فلم
العام لتكون في النهاية لفلم العام الفنان، حصول آلان على الجائزة يعتبر شئ فريد
من نوعه فقد وصل عمره إلى 77 ليكون الفرق بين عمره واعمر الأوسكار 7 سنوات فقط !.
بهذه الجائزة وجد المخرج نفسه بين ثلاثة تماثيل أوسكار حاز عليها من هانا وأخواتها
وأني هال وبالطبع باريس في منتصف الليل. على الرغم من أن طاقم الممثلين لم يكن
بشكل عام ممتاز إلا أنه ضم العديد من الممثلين الرائعين فبالإضافة إلى أون ويلسون
حلت الممثلة الفرنسية ماريون كوتيلارد كضيف خفيف ومميز على السينما الأمريكية فبعد
تحقيقها جائزتي الأوسكار وبافاتا عام 2008 للفلم الفرنسي "La môme" انهالت عليها
العروض فشاركت في "انسبشين" و"كونتيجين" ومن المقرر أن تشارك
في "فارس الظلام ينهض".
الخلاصة: سطعت نجومية الفلم بالدمج الرائع بين الخيال والدراما بصورة خلابة تم دمجها ببعض اللقطات الكوميدية،لكن أرى العيب الأبرز هو السطحية في فكرة السفر عبر الزمن.
مشاهدة ممتعة.
ابوهرقل